آخبار عاجل

العنف الاسري : الأسباب والتداعيات.. بقلم:  د. زاهدة سلمان الخليل 

02 - 01 - 2023 2:25 238

 د. زاهدة سلمان الخليل 
استاذة الإعلام والإتصال في جامعة بغداد والجامعة المستنصرية .

هو عنوان محاضرة قمنا بإلقائها في فضاء السفارة العراقية في تونس . سنحاول في هذا المقال ان نسلط الضوء على اهم ما جاء فيها .
 إن ظاهرة العنف الاسري  وتحديدا العنف ضد المرأة هي ظاهرة قديمة وحديثة ، عالمية ومحلية . 
- قديمة لأنها من الظواهر التي عرفتها البشرية منذ القدم ، ارتبط وجودها بوجود الإنسان .
- حديثة لأنها تطورت وتفاقمت مع تطور الإنسان وتدرجه في سلم الحضارة ومواكبته لمختلف أنواع التقدم العلمي والتكنلوجي .
- عالمية لأنها ألقت بظلالها على النساء في جميع أنحاء العالم في البلدان الغنية كما في البلدان الفقيرة أي بلدان الشمال والجنوب على حد سواء ، بقدر ما تلقي بتأثيراتها على النساء من مختلف الطبقات الاجتماعية . لكون إن أحد أسبابها يكمن في البنية الذكورية التي تسود العالم بأسره والتي انتجت تصورات نمطية لدور كلا من الجنسين .
- محلية لأنها وعلى  الرغم من مداها العالمي إلا إنها تكتسي طابعا محليا في العديد من البلدان وبضمنها البلدان العربية ومنها العراق . إذ تواجه النساء تمييزا صارخا بحقهن في النصوص القانونية إضافة الى قوانين 
( الظل) التي تتمثل بالأعراف والتقاليد لضبط قواعد السلوك والتصرف بما يتناسب وطبيعة المجتمع التقليدي الذكوري . ومما تجدر الإشارة اليه أن هنالك تباينات محلية وإقليمية إذ حتى وإن كان مستوى العنف مرتفعا في كل مكان إلا إن للدول الفقيرة حصة الأسد منه .
 تقرير خطير قامت منظمة الصحة العالمية بنشره مؤخرا يشير الى تعرض حوالي ثلث نساء العالم للعنف بجميع أشكاله وحسبما جاء في هذا التقرير فإن جائحة كورونا أسهمت بشكل فاعل في تفاقم الوضع نظرا للحجر الصحي والتبعات الاقتصادية الذي رافقته إضافة الى تداعيات ذلك على الوضع النفسي والمعنوي الذي انعكس سلبا على العلاقات الإنسانية .
وأضاف مدير عام منظمة الصحة العالمية قائلا : " إن العنف ضد النساء هو آفة متجذرة في كل الشعوب والثقافات ". ودعا الحكومات الى التحرك العاجل لأنه خلافا لكوفيد 19 ، لا يمكن ايقافه بلقاح وإنما بإجراءات جذرية عاجلة . وكرد فعل لذلك ظهر مؤخرا توجه جاد للتعامل مع قضايا العنف ضد المرأة على الصعيد الدولي من خلال الاتفاقيات والتوجيهات ضد التحرش الجنسي والإتجار بالبشر بل وحتى التشريع ضمن إطار الاتحاد الاوروبي .
 إن هذه الظاهرة واحدة لكن أساليبها متعددة متمثلة بالعنف الجسدي ، النفسي ، الاقتصادي ، الجنسي وكذلك العنف الاجتماعي . 
ونظرا لتفاقم هذه الظاهرة في العالم وخصوصا في مجتمعاتنا العربية وبضمنها العراق ونظرا لاطلاعنا على تداعياتها في هذه البلدان ،  ارتأينا ان نضعها تحت المجهر للوصول الى ماهيتها .
 فمثلا في العراق ، وثقت الامم المتحدة عدة تقارير فيما يتعلق بإساءات وانتهاكات طالت النساء مما دفع مجلس القضاء الأعلى الى إصدار تعميم يدعو القضاة الى استخدام أحكام قانونية للردع ، لكن مكتب حقوق الإنسان ارتأى أن ذلك ليس كافيا لسد الثغرات مؤكدا على ضرورة اتخاذ الحكومة لإجراءات فورية لحماية النساء ومحاسبة المعتدين .
 إن لهذه الظاهرة التي استشرت في بلداننا العربية ، اسبابها وتداعياتها بحيث انها  بدأت تشكل تهديدا حقيقيا  للنسيج الاجتماعي . ويمكن تلخيص اهم الأسباب بما يلي : 
1-    طبيعة النظام الاجتماعي الذي تغلب عليه قيم البداوة بمفاهيمها الذكورية .
2-    الفقر
3-    التعليم حيث لاتزال نسبة الامية بين النساء مرتفعة مقارنة بالرجال.
4-    قوانين الظل المتمثلة بالأعراف والقيم العشائرية والاجتماعية .
5-    وسائل التواصل الاجتماعي : ففي السنوات الأخيرة انتشر مفهوم العنف الإلكتروني ضد المرأة على نطاق واسع الذي من أشكاله : الابتزاز ، التحرش ، رسائل المضايقات والتهديدات وسط جملة من العادات والتقاليد التي تضع حدودا اجتماعية صارمة .
6-    انتشار تعاطي المخدرات 
7-    انعدام القوانين الرادعة : وسنتناول هذا الموضوع بشيء من التفصيل في مقال قادم إن شاء الله .
إن موضوع العنف الاسري هو موضوع شائك ومعقد لا يسعه هذا المقال. وهو ظاهرة اجتماعية بدأت تتفاقم وتأخذ مداها ومنحاها الخطير لأسباب ذكرنا البعض منها في هذا المقال .لذلك يجب ان تكون هنالك رؤية واضحة  للحد من هذه الظاهرة سواء على مستوى السياسات ام على مستوى التشريعات التي لاتزال قوانينها تتساهل مع العنف ومرتكبه . 
 إن الحاجة أصبحت ملحة الآن لوضع استراتيجيات ومنهجية عمل تستند على بحوث علمية تكون بمثابة المرجعية للسلطة التشريعية للتخطيط واتخاذ القرارات التي من شأنها الحد من هذه الظاهرة بالنظر لخطورتها واستشرائها بشكل مخيف . لذلك لابد من بذل الجهود لبلورة رؤية مستقبلية تتضمن إصلاحا شاملا يعتمد على اسس علمية رصينة إضافة الى إعادة صياغة الأطر القانونية والمؤسسية والتشريعية بما يضمن حق المرأة في العيش الكريم.
 
بالنظر لأهميته فإن للموضوع تكملة بإذنه تعالى .
 


 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved